responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 164
وَفُسِّرَ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ بِأَنَّهُ عَيْنُ الذِّكْرِ الْمُنَزَّلِ، أَيْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَهُ للنَّاس، فَيكون إِظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِإِفَادَةِ أَنَّ إِنْزَالَ الذِّكْرِ إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ إِنْزَالُهُ إِلَى النَّاسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ [سُورَة الْأَنْبِيَاء: 10] .
وَإِنَّمَا أُتِيَ بِلَفْظِهِ مَرَّتَيْنِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْإِنْزَالَيْنِ: فَإِنْزَالُهُ إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَاشَرَةً، وَإِنْزَالُهُ إِلَى إِبْلَاغِهِ إِلَيْهِمْ.
فَالْمُرَادُ بِالتَّبْيِينِ عَلَى هَذَا تَبْيِينُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمَعَانِي، وَتَكُونُ اللَّامُ لِتَعْلِيلِ بعض
الحكم الحاقّة بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا كَثِيرَةٌ، فَمِنْهَا أَنْ يُبَيِّنَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحْصُلُ فَوَائِدُ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ [سُورَة آل عمرَان: 187] .
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ لِمَسَائِلِ تَخْصِيصِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ، وَبَيَانُ مُجْمَلِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ، وَتَرْجِيحُ دَلِيلِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَلَى دَلِيلِ الْكِتَابِ عِنْدَ التَّعَارُضِ الْمَفْرُوضَاتِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ إِذْ كُلٌّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ من تَبْيِينُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ هُوَ وَاسِطَتُهُ.
عطف لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ حِكْمَةٌ أُخْرَى مِنْ حِكَمِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ، وَهِيَ تَهْيِئَةُ تَفَكُّرِ النَّاسِ فِيهِ وَتَأَمُّلِهِمْ فِيمَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَى رِضَى اللَّهِ تَعَالَى. فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي تَفْسِيرِ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ يَكُونُ الْمُرَادُ أَنْ يَتَفَكَّرُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ وَفَهْمِ فَوَائِدِهِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنْ يَتَفَكَّرُوا فِي بَيَانِكَ ويعوه بأفهامهم.
[45]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 45]
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45)
بَعْدَ أَنْ ذُكِرَتْ مَسَاوِيهِمْ وَمَكَائِدُهُمْ وَبَعْدَ تَهْدِيدِهِمْ بِعَذَابِ يَوْمِ الْبَعْثِ تَصْرِيحًا وَبِعَذَابِ الدُّنْيَا تَعْرِيضًا، فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ تَهْدِيدَهُمُ الصَّرِيحَ بِعَذَابِ الدُّنْيَا بِطَرِيقِ اسْتِفْهَامِ التَّعْجِيبِ مِنَ اسْتِرْسَالِهِمْ فِي الْمُعَانَدَةِ غَيْرُ مُقَدِّرِينَ أَنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست